بعد 7 سنوات على وصولها من لبنان عبر البحر مصير نور لا يزال مجهولاً

Noor with her 2 sons

Source: Supplied

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

قصة نور تجسد معاناة عدد كبير من اللاجئين الذين وصلوا إلى أستراليا عبر البحر.


لكل لاجئ في أستراليا قصة خاصة به لا تشبه القصص الأخرى. ومعظم هذه القصص لا تنتهي مع الوصول إلى استراليا حيث قد تبدأ أحياناً رحلة أصعب من عدم الاستقرار والمصير المجهول.

وقد تكون تجارب اللاجئين الذين أتوا عبر القوارب من الأصعب منذ مغادرتهم لبلدهم مروراً بوصولهم إلى أستراليا وبقائهم في مراكز الاحتجاز وصولاً إلى المعارك القضائية مع وزارة الهجرة للتمكن من البقاء والاستقرار في استراليا الذي ليس مضموناً ولو بعد سنوات طوال.

وصلت نور الهدى الخزنا إلى أستراليا عام 2013 مع ولديها الاثنين وأهلها وأخواتها هاربين عبر القارب من لبنان. حينها، لم يكن البقاء في بلاد الأرز خياراً لدى العائلة التي واجهت ظروفاً خاصة جعلتها موضع تهديد بسبب اختلافات وخلافات ديينة ومذهبية كما تروي لنا نور: "السبب لم يكن الأوضاع في لبنان التي كانت مستقرة إلى  حد ما في ذلك الوقت، ولكن كان لدي ظروف خاصة حدثت بسبب تغيير مذهبي وزواج شقيقتي من شخص من مذهب آخر. فتعرضنا كعائلة وليس أنا وحدي للتهديد ولا نزال حتى اليوم واضطررنا لترك لبنان بين ليلة وضحاها عن طريق طريق البحر لأنه لم يكن لدينا أي وسيلة أخرى لانقاذ أرواحنا والبقاء آمنين".
Nour with her son
Nour with her son Source: Supplied
وصلت العائلة بداية إلى مركز احتجاز اللاجئين في جزيرة كريسماس حيث بقيت لمدة نحو سنة ونصف ثم انتقلت إلى سيدني في العام 2015.

لم تكن التجربة سهلة في مركز الاحتجاز كما تؤكد نور "فكل من كان هناك يعرف صعوبة الأوضاع والظروف" لكنها قررت أن تستفيد من وقتها هناك لتتعلم وتستفيد قدر الإمكان من تجربة كان من المفترض أن تكون قاسية: "شخصياً استغليت هذه الظروف لأتعلم وأستفيد فتعلمت اللغة الانجليزية إذ أنني كنت أجيد اللغتين العربية والفرنسية فقط عندما كنت في لبنان واستطعت أن أخرج من مركز الاحتجاز مع لغة انجليزية جيّدة ولو أنها ليست ممتازة لكنني أستطيع التواصل جيداً مع الآخرين".
مع بداية عام 2017 حاولت نور أن تتقدّم للحصول على تأشيرة الحماية المؤقتة Temporary Protection Visa، ولكن منذ ذلك الحين كل ما استطاعت تحصيله هو التأشيرة الانتقالية Bridging Visa 050  التي لا تتخطى مدتها ثلاثة أشهر وتقوم بتجديدها في كل مرة لثلاثة أشهر جديدة. أما السبب الرئيسي في رفض الطلب فهو اشتباه وزارة الهجرة بأن نور تحمل الجنسية السورية إلى جانب الجنسية اللبنانية: " السبب الأساسي للرفض حتى اليوم هو أن أصلي سوري مع أنني أبلغت الوزارة مراراً أني لا أملك جنسية سورية بالرغم أن جدودي سوريين لكنني ولدت في لبنان وعشت هناك ولدي الجنسية اللبنانية".
Nour's two sons
Nour's two sons Source: Supplied
بعد 7 سنوات من وجودها في أستراليا، وبسبب تأشيرتها الانتقالية لم تستطع نور ايجاد وظيفة حتى اليوم: "على هيك فيزا، مين بشغلني؟".

غير أنها لم تستسلم يوماً فدرست اختصاصين هنا في أستراليا إلى جانب تعلمها للغة الانجليزية لكي تستطيع زيادة حظوظها بالحصول على عمل ولكن بالرغم من كل الجهد والمثابرة لم يقبل أحد بتوظيفها بسبب خطر ترحيلها من البلاد بعد فترة قصيرة: "بما أن الدولة سمحت لي بالدراسة في فترة من الفترات تخصصت كـPathology Collector  مما يسمح لي بالعمل في المستشفيات والعيادات والمستوصفات وتقدمت للعمل في الكثير من هذه الأماكن ولكن للأسف في كل وظيفة يجب أن أخضع لفترة تدريب تصل إلى ستة أشهر فلم يقبل أحد بتوظيفي لأن مدة تأشيرتي هي لمدة ثلاثة أشهر فقط فكانوا يقولون لي : ماذا لو قبلنا وطلبت منك وزارة الهجرة العودة إلى بلدك بعد ثلاثة أشهر؟"
وبالرغم من ذلك لم تفقد نور الأمل وقررت التخصص في مجال آخر قد يتيح لها ايجاد وظيفة وهو رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وهي الآن تحاول التقديم على وظائف لعلّ الحظ يحالفها هذه المرة.

لا تتذمر الأم المثابرة من وضعها المعيشي وهي ممتنة لوالديها اللذين تعيش معهما وخصوصاً لوالدها الذي يدعمها في إعالة ولديها: "أسكن مع أهلي الذين يقدمون لي الدعم والحماية. أبي كان مصفف شعر في لبنان فاستطاع العمل في الحلاقة هنا. وبالرغم من أنه لا يستطيع العمل كثيراً بسبب ظروفه الصحية ولكنه قادر حتى اليوم على تأمين حاجاتنا الأساسية. ونحن لا نطلب أن نكون أغنياء ولكن أن نعيش بكرامة فقط وأنا لا أريد أكثر من ذلك".
Nour with her 2 sons
Nour with her 2 sons Source: Supplied
نور التي لا تستطيع حتى التفكير في العودة إلى لبنان، ترفض اتهام الدولة الأسترالية بالظلم بالرغم من أنها وبعد سبع سنوات هنا ليس لديها الحد الأدنى من الاستقرار: "من حق الحكومة أن تحافظ على حدود بلادها . أنا قدمت عبر البحر بنفسي، الدولة لم تطلب مني المجيء ولكني أطمع انسانياً أن تنظر الحكومة إلى وضعنا بحيث أننا لم نقم بأي مخالفات ولا نريد ذلك طبعاً، نحن أتينا للعيش بأمان واستقرار وهذا مطلبنا الوحيد".

وهي تعتقد أن الدولة الأسترالية ساعدتها وعليها أن ترد الجميل: "أرغب برد جزء بسيط مما قدموه لي بعد أن استقبلوني وحضنوني مع أولادي حتى ولو لم يعطوني التأشيرة بعد أرغب أن أرد هذا الجميل من خلال العمل وبناء مستقبل".
وتختم نور بالتأكيد أن خيار العودة إلى لبنان ليس موجوداً بالنسبة لها وللعائلة: "لا استطيع القول أنني ظلمت ولكن هيدا عمر عم يمرق، مر سبع سنين وأنا لا أملك لا وظيفة ولا أمان. أنا أعيش تحت ضغط نفسي وخوف دائم من سؤال لا يفارقني: ماذا لو أعادوني إلى لبنان وقد أتعرض للقتل هناك أنا وعائلتي؟ ماذا أفعل وإلى اين أذهب؟ حتى أنني قلت للمحامي: ما بدن ياني يكبوني بالبحر لأموت هناك فهذا أشرف وليس لدي مشكلة في ذلك".

 


شارك