"مباني بيروت المرمّمة يجب أن تروي قصة سكانها": مهندسة لبنانية تحكي عن دمار منزلها ومدينتها

Sara Jaafar

Source: Supplied

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

سارة جعفر لم تفقد منزلها فقط في الانفجار، بل خسرت شعور الأمان الذي طالما أحسّته في مدينتها بيروت.


لم تعد الحياة إلى طبيعتها في بيروت بعد، وهي ربما لن تعود قبل أن تُروى كل القصص عن ذلك التاريخ الذي لن ينساه اللبنانيون: الرابع من آب 2020

قصص لا تشبه أي منها الأخرى، قصص الذين غابوا، والذين لا يزال مصيرهم مجهولا، قصص الذين تشوهت وجوههم أو أجسادهم والذين دمرت منازلهم وأملاكهم، قصص الذين دفنت آمالهم وأحلامهم تحت الرماد، قصص الذين نجوا ولكنهم ليسوا بخير!

ولكن هل من أيام أو أسابيع أو أشهر أو سنين ستكفي لرواية كل تلك القصص؟
اليوم وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع نحكي قصة سارة جعفر، المهندسة المعمارية التي درست في لندن وعادت إلى وطنها لتؤسس شركتها الخاصة.

يمكن القول أن سارة نجت بأعجوبة من التفجير الذي دمر منزلها الواقع على بعد أقل من أربعمئة متر عن المرفأ، ولكنها لم تستطع انقاذ أغلى ما تملكه: الذكريات الجميلة والأمل بوطن أحبته للغاية.
بصعوبة، تستذكر سارة ذلك اليوم الذي غير مسار حياتها: "كان من المفترض أن أكون في منزلي لحظة وقوع الانفجار، لكن شاءت الصدف أن تتصل بي صديقتي قبل نحو ساعتين وتطلب مني الانضمام إليها لحضور أحد الاجتماعات في منزل قديم يقع في شارع سرسق القريب أيضاً من المرفأ". وتتابع سارة: "ايضاً المنزل الذي كنا فيه تدمر ولكن لحسن الحظ أن الانفجار الأول جعلنا نتجه نحو الشباك وإلا لكان السقف حيث كنا نجلس هبط علينا جميعاً".

حتى الساعة وبعد مرور 23 يوماً على الفاجعة، لا تزال سارة غير قادرة على وصف لحظة اكتشافها للدمار الذي أصاب منزلها فالأضرار لحقت بعملها أيضاً إذا كانت تعمل خلال الأشهر الأخيرة من المنزل حيث كانت تحتفظ بكل الملفات والأجهزة: "حتى الآن لا أعرف ما حدث، أشعر كأن الحادثة وقعت أمس بالرغم من مرور كل هذه الأيام".
بالرغم من كل ما حصل، لا تشعر سارة بالندم على عودتها إلى لبنان حيث كانت فخورة بالمشاركة بثورة 17 تشرين التي كانت بالنسبة اليها الطريق للوصول إلى الوطن الذي تحلم به. ولكنها في نفس الوقت لا تستبعد امكانية اتخاذها القرار الصعب بالهجرة مجدداً من لبنان: "للأسف لم يتركوا لنا خياراً آخر، ولكن حتى لو غادرت سأستمر بالنضال من أجل الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة للذين ذهبوا ضحية الانفجار".
Sara Jaafar's House before and after the blast
منزل سارة قبل وبعد الدمار الذي أصابه جراء الانفجار Source: Supplied
كإبنة المنطقة وحتى كمهندسة معمارية، لا تستطيع سارة استيعاب حجم الخسارة التي لحقت بالمباني والبيوت التراثية لبيروت والتي صمدت في وجه الحروب على مدى سنوات: "لا أستطيع حتى اليوم المرور بشارع الجميزة، الخسارة لا يمكن تعويضها".

تعمل سارة حالياً على إعادة ترميم منزلها مما سيستغرق سنتين على الأقل، غير أنها ترفض أن يعود المبنى بحلة جديدة بل تريده أن يظهر الجروح والندوب المحفورة في قلوب وأذهان سكانه: "يجب أن لا نقوم بنفس الغلطة التي حصلت عند بناء مشروع سوليدير، لا يجب أن نعمل على تجميل الشكل إذا كان الأساس لا يزال مجروحاً، كل المباني التي تعرضت للتدمير يجب أن تترك فيها آثار ما حدث لتروي قصة المعاناة التي عشناها للأجيال القادمة لأن ما حدث لا يجب أن ينتسى".


شارك