"خلال 3 دقائق قررنا أن نغادر العراق": 40 يومًا في العراء، 9 أشهر كلاجئة إلى ان استقرت في أستراليا

Dalal Sleiman

Dalal Sleiman with her husband and children. Source: Dalal Sleiman

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

من ظلم الحرب الذي حولها إلى لاجئة، إلى مواطنة ناشطة في مجال التنمية البشرية، تأشيرات الهجرة والعمل المجتمعي والتطوعي في هذه القصة الملهمة للسيدة دلال سليمان.


اختبرت تجربة الحرب في شمال العراق وهربت مع عائلتها وسط الألغام في العراء دون مأكل أو مشرب لمدة 40 يومًا في الجبال التركية وبعد 9 أشهر في مخيم اللاجئين، انتقلت وعائلتها إلى أستراليا.


النقاط الرئيسية

  • تركت العائلة وجبة عيد القيامة وكل شيء، هربًا من الحرب في العراق
  • بدأت دلال عملها التطوعي المجتمعي في أستراليا وأسست أول مجموعة للنساء الكلدانيات في ملبورن
  • ترأست جمعية الأسرة الكلدانية في ملبورن وافتتحت عملها الخاص كخبيرة ووكيلة هجرة بغية لم شمل العائلات التي تعاني كما عانت عائلتها

 ولدت دلال سليمان في بلدة شرانش في دهوك شمال العراق وهناك ترعرعت وتابعت دراستها الابتدائية وسط كنف العائلة. تأثرت بمثال والدها الراحل دانيال سليمان الذي كان مختار البلدة والذي طبع فيها قيمًا ترسخت بالمثل قبل الكلمة وكذلك والدتها بيبون والذي يعني اسمها "الوردة".

انتقلت في عمر 12 سنة مع أخواتها لإكمال دراستها الثانوية في العاصمة بغداد بعيدًا عن والديها، اذ لم تكن الدراسة المتوسطة والثانوية متوفرة في بلدة شرانش، لتعود وتنتقل  إلى بلدة زاخو بعد سنتين لكونها جغرافيًا أقرب للعائلة وهي تتابع دراستها قائلة:

"أبي كان يحب العلم ويشجعنا على اكمال دراستنا لذا أرسلنا إلى العاصمة لننضم إلى أفضل مدارس هناك"
Dalal Sleiman
Dalal as child in her village "Sharanish" in Iraq Source: Dalal Sleiman
أنهت دراستها الثانوية وما إن تخرجت مع إجازة بالمحاسبة لتبدأ عملها في البنك، حتى اندلعت حرب الخليج الأولى عام 1991 فاضطرت العائلة إلى ترك "كل شيء وراءها" والهرب إلى الجبال التركية قائلة:
تركنا كل شيء وراءنا. لم ينظر الوالد إلى الوراء، بل رحل ليحمي العائلة
تقول دلال:

"كان صباح عيد القيامة، ذهبت مع أهلي إلى الكنيسة وما إن عدنا بدأت بتحضير فطور العيد في هذه الأثناء شاهد أبي صورة أخي سلام المقاتل مع الجيش العراقي، فأجهش الجميع بالبكاء ولم نتناول فطور العيد".
Dalal Sleiman
Dalal with her beloved parents in Iraq Source: Dalal Sleiman
وتابعت قائلة:
سمعت أبي يقول عيد مبارك لك يا بني، لا أعلم أين أنت الآن ولكنني أعايدك
في يوم عيد القيامة لم تجتمع العائلة على وجبة الفطور، وشاء الظلم أن تبقى كذلك وجبة الغذاء على الطاولة فالعائلة اضطرت أن تغادر هربًا في غضون ثلاثة دقائق من اندلاع الحرب، وفي هذا الإطار تقول دلال:

"حضرت وجبة الغذاء بعد 52 يومًا من الصيام، فكانت دقائق حتى اضطررنا أن نخلي المكان دون النظر إلى الوراء مع اندلاع الحرب. يوم عيد القيامة رحّلونا من ضيعتنا".
Dalal Sleiman
Dalal among her family before they fled Iraq Source: Dalal Sleiman
سردت تفاصيل الهرب من المنطقة الشمالية إلى الجبال في تركيا حيث مشت العائلة ثلاثة أيام لتعبر الحدود ومكثت العائلة طيلة 40 يومًا في العراء وشهدت بالعين المجردة على انفجار الألغام وسقوط القتلى من الفارين قائلة:

"أردنا أن نعبر في أقرب معبر على الشاحنات في النهر، ولكن الطائرات التركية رمت مناشير محذرة إيانا من ذلك فاضطررنا أن نبحث عن معبر آخر سيرًا على الأقدام في العراء دون مأوى أو مأكل. عانينا من الألغام في طريقنا فانفجر لغم وانجرحت أختي وقتل جارنا وأقاربه".
وصفت هذه الفترة بالمأساة الإنسانية، فانفجر لغم دون تواجد أحد للنجدة ولإسعاف الجرحى فيما كان الطقس ماطرًا والكل يرجو النجاة.

وتابعت قائلة:

" مرّت بقربنا سيارة من الجيش التركي، أولاد جارنا الذي قتل حاولوا ايقافها لم يفلحوا في ذلك فأخذوا يرمونها بالحجارة للتوقف. الجانب التركي سلط علينا السلاح لكن أبي واجههم وخاطبهم بلغة الجسد اذ نحن لا نجيد اللغة التركية، واكرامًا له تحننوا على الجرحى ونقلوهم برفقة أبي إلى الداخل التركي لتقديم الإسعافات".

بقيت دلال واخوتها في العراء مع الفارين دون الوالد الذي انتقل مع الجرحى إلى الداخل التركي ليعود بعد 15 يومًا لينتقل مع الفارين إلى مخيم لللاجئين، ومن هناك قدمت العائلة طلب اللجوء الإنساني إلى أستراليا حيث هاجر اثنان من أفراد العائلة سابقًا. كانت الطائرات آنذاك ترمي الطعام للفارين والبطانيات قائلة:

"كانت أمي تحاول أن تحضر لنا الطعام وأنا كنت أسير طويلًا لجلب المياه وكنا ننام تحت المطر والثلج" 

بقيت العائلة مدة تسعة أشهر في مخيم اللاجئين قبل أن تنتقل إلى ملبورن وهناك استقبلت الأختان العائلة اللاجئة في مطار ملبورن الا أن الوالد لم يقبل أن ينتقل معهما الى المنزل إسوة بكل اللاجئين على متن الرحلة بل انتقل معهم إلى أماكن الاستقبال التي خصصتها الحكومة لهم.

نقول دلال:
أنا وعائلتي محظوظون لأننا بقينا فقط 9 أشهر في المخيمات، وتلك السنة تساقط الثلج في المنطقة علينا لأول مرة منذ 20 سنة، هناك أشخاص بقيوا لسنين في المخيمات
وعن روعة مثال الوالد قالت دلال:

" كان والدي مختار الضيعة ويحظى بتقدير الناس. لم يقبل ان يحظى معاملة تميزه عن اللاجئين الفارين من الحرب على الرغم من أن هذه المعاملة هي من بناته".
Dalal Sleiman
Dalal's father and role model. Source: Dalal Sleiman
مكثت دلال وعائلتها مع اللاجئين في نزل الضيافة لمدة أسبوعين قبل الانتقال الى المنزل لتبدأ رحلة كفاحها في أستراليا.

بداية ما بعد الصدمة

لم تكن الحياة في أستراليا سهلة وسط عائق اللغة لكن دلال اختارت من اللحظة الأولى أن تنفتح على هذه الأرض الخلابة وتختارها وطنًا قائلة:

"انضميت الى صفوف اللغة الإنكليزية، ثم تابعت دراستي وحصلت على ديبلوم في التنمية البشرية  ولكن لم أكتف بذلك بل تابعت دراستي الجامعية وتخصصت في التنمية البشرية ولاحقًا في قانون الهجرة".

 وهكذا بدأت عملها التطوعي المجتمعي وأسست أول مجموعة للنساء الكلدانيات في ملبورن كما وأسست جمعية الأسرة الكلدانية في ملبورن، وافتتحت عملها الخاص في دائرة الهجرة بغية لم شمل العائلات التي تعاني كما عانت عائلتها.
Dalal Sleiman
Dalal graduating with a bachelor of arts in community development from the Victorian University Source: Dalal Sleiman
حصدت دلال جوائز عديدة تقديرًا لعطاءاتها الكثيرة في العمل المجتمعي أبرزها:

جائزة اليوم الوطني في أستراليا عن فئة الوصول والشمول لعام 2020 في مدينة Whittlesea

جائزة الإنجازات العامة لعام 2013 من مجلس مدينة Whittlesea / Whittlesea Community Connections

 جائزة التميز من اللجنة الفيكتورية متعددة الثقافات عام 2009

جائزة إعادة تأهيل اللاجئين من اللجنة الفيكتورية المتعددة الثقافات لعام 2006

ومؤخرًا اختارت أن تحول معاناتها مع تفريق عائلتها جراء الحرب وعدم تمكن أخيها من الانضمام الى العائلة في أستراليا، فأصبحت وكيلة هجرة بعد حصولها على شهادة الدراسات العليا في القانون وممارسة الهجرة الأسترالية من حرم جامعة فيكتوريا قائلة:

 "أفرح عندما أعمل في معاملة ويشكرني أصحاب المعاملة على نجاحي في لم شمل العائلة"

كانت حياة دلال مثمرة رغم كل التحديات وتكللت أيضًا بحب مثمر، إذ تزوجت عام 1997 شريك حياتها يوئيل توما الداعم الأول لها، ورزقا بأربعة أولاد ساندرا، سايمن، سيباستيان وسمانثا.
أستراليا وطنٌ لها من اللحظة الأولى

لم يكن الإنسلاخ عن العراق سهلًا وكذلك الإنخراط في المجتمع الأسترالي.

ولكن رغم التحدّيات الكثيرة، عبّرت دلال أنها من اللحظة الأولى شعرت أنّ أستراليا هي وطنٌ لها ولعائلتها، وختمت قائلة:
من اللحظة الأولى أصبحت أستراليا وطني! أستراليا أعطتني الكثير الكثير
  لمعرفة المزيد، اضغط على الملف الصوتي أعلاه.

 أكملوا الحوار عبر حساباتنا على و و

توجهوا الآن إلى للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.  

يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر  أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على  

 

 

 

 


شارك