علاء مهدي: خرج من العراق مطاردا لأسباب طائفية فاستقبلته أستراليا لتصبح وطنه الجديد

Mr. Ala Mahdi

Mr. Ala Mahdi Source: Alaa Mahdi

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

لم يتوقف مهدي عن الاهتمام بشؤون وطنه الأم في العراق أو النشاط المستمر بين أبناء الجالية العراقية في أستراليا


منذ أن وطأت قدماه أسترالية شعر بالانتماء للبلد الذي استضافه بعد أن لاحقته الطائفية والرفض في ثلاث بلدان منها بلده الأم. العراقي علاء مهدي وجد الملاذ الآمن في أستراليا عندما وصلها مع زوجته في يوم أستراليا الوطني عام 1986 أي قبل 34 سنة.

ولد مهدي  في مدينة الحلة عاصمة محافظة بابل في العراق، وتنقل في الدراسة بين مدن مختلفة في الحلة والنجف والبصرة وكركوك وبغداد لأسباب تتعلق بوظيفة والده. بدأ مهدي في مواجهة الطائفية مبكرا في حياته، إذ كان يرغب في الانضمام للجيش ولكن تم رفضه فاتجه للدراسة في كلية التجارة بجامعة بغداد، ليتخرج عام 1971.

بدأ حياته العملية محاسبا ثم مديرا للحسابات ومديرا لفروع شركات ومؤسسات تجارية حكومية، قبل أن يترك العراق مجبرا عام 1982، متجها إلى الكويت، حيث بدأ رحلة تستمر لأربعة أعوام وتنتهي بالاستقرار في أستراليا.
وقال علاء مهدي لأس بي أس عربي24 "كنت مطلوبا لأسباب طائفية أفرزتها الحرب العراقية الإيرانية، وبسبب تلك الظروف تم تغييب اثنين من أولاد عمي ولم نعثر على بقاياهم أو آثارهم حتى الآن."

حاول بناء حياته الجديدة في الكويت حتى أصبح مديرا ماليا لأكبر شركة مقاولات في حينها، ولكن بعد سنتين أضطر للمغادرة إلى الولايات المتحدة: "غادرت لأسباب سياسية تتعلق بطبيعة التدخل الأمني للسلطات العراقية في الكويت ورفض السفارة العراقية تجديد جوازات سفرنا إلا بعد العودة للعراق، وهو ما كان يعني الموت بالنسبة لنا."

طوال سنتين حاول العثور على عمل في نيويورك وسان دييغو ولكن دون أن يحالفه الحظ، كما تم رفض طلب الهجرة للولايات المتحدة "بدعوى أن النظام العراقي نظام ديموقراطي حسب المعلومات المتوفرة لديهم في هذا الوقت، وطلبوا منا تقديم إثبات مكتوب من الحكومة لما ندعيه."
Mr. Ala Mahdi with his wife Mary Mahdi
Mr. Ala Mahdi with his wife Mary Mahdi Source: AM
في نفس الوقت كان أقارب لزوجته السيدة ماري مهدي في سيدني، وبدأوا في محاولة إنهاء أوراقهم في أستراليا. قبلتهم أستراليا عام 1985 وذهبوا إلى سيدني لتبدأ حياة جديدة من الاستقرار.

يتذكر علاء مهدي انطباعه عند الوصول إلى أستراليا "أحببنا أستراليا منذ اللحظة الأولى، وأعتقد أن السبب يكمن أننا لم نوفق في أمريكا." وأضاف "نظرت من شباك الطائرة فوق مدينة سيدني، فوجدت أنهم يقودون سياراتهم على عكس أنظمة السير في العراق والكويت وأمريكا، وكانت تلك هي المفاجأة الأولى في أستراليا."

كانت كل الإشارات تدل على أن أستراليا ستكون وطنه الجديد: "لم ندخل أستراليا بجوازات سفر عراقية كونها لم تكن نافذة المفعول في حينه، ودخلناها بوثيقة سفر أسترالية استلمناها من القنصلية الأسترالية في لو أنجلوس."

وأضاف "تلك الوثيقة منحتنا قوة الانتماء للوطن الأسترالي الجميل."
عمل مهدي لمدة 29 عاما في وظائف محاسبية وائتمانية في شركات إعلامية رائدة بمدينة سيدني لمدة 29 سنة. أسس اسرة من بنت واحدة وولدين، كلهم متزوجين ولديه من الأحفاد سبعة، كلهم في أستراليا.

تقاعد مهدي في 31 يناير كانون الأول عام 2013 لبلوغ السن القانوني، لكن نشاطه لم يتوقف في الجالية العراقية.

تم انتخابه رئيسا للجمعية الثقافية العراقية الأسترالية دورتين متتاليتين في تسعينات القرن الماضي، كما عمل متطوعا في هيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق منذ 2004، وحاول تأسيس فرع لها في سيدني ولكن لم يكتب له النجاخ.

كما تم انتخابه منسقا للتيار الديموقراطي العراقي في أسترالية لست مرات. وقال مهدي "كل ما مررنا به لم يؤثر على حبنا لوطننا الأم بما في ذلك أحد أولادي الذي لم ير العراق بحياته."

وأضاف "الظروف التي مررنا بها جعلتنا نتكيف ونتأقلم مع طبيعة الحياة الجديدة، كوننا لم نكن نملك الخيار، وكان علينا أن نباشر في إعادة بناء أنفسنا بالعمل والدراسة والتخطيط للمستقبل، وقد ساعدنا في هذا أن خيار العودة إلى العراق لم يكن موجودا."

الحياة الجديدة التي بدأها مهدي وعائلته، واجهتهم فيها الصعوبات التقليدية لأي مهاجر جديد: "اللغة كان لدينا مبادئها منذ الدراسة في العراق، وتعلمنا بعضها خلال السنتين التي قضيناهم في الولايات المتحدة والباقي من خلال العلاقات والعمل والدورات في أستراليا."

أما تربية الأطفال فقد تجاوزت العائلة الأمر بسهولة "لأننا آمنا أن المستقبل سيكون لهم في هذه الأمة وليس لنا."
وقال مهدي "كنت كثيرا أحزن عند المقارنة بين وضع معين أو حالة نمر بها هنا وبين ما كان يحدث في مقابلها في وطني. هناك في وطني كل الظروف والموارد متوفرة للبناء والتطور ومع ذلك ما زال في أول السلم."

وأضاف "لا وجه للمقارنة، فكل شيء مختلف من طبيعة الحياة والتعامل والعلاقات والنظام والعدالة والمساواة، وحب المساعدة لدى الأستراليين بالإضافة إلى التنوع الثقافي والحضاري." وأكد "لقد أحاطونا برعاية لم نكن نتوقعها على الإطلاق."


شارك