الصوم بين القديم والجديد: الجوهر في صوم القلب واللسان

Ash Monday

Source: Pixabay

احصل على تطبيق SBS Audio

طرق أخرى للاستماع

في أول أيام الصوم أو ما يعرف بـ"إثنين الرماد" يتذكر المسيحيون جملة أساسية قالها الله لآدم "أذكر يا انسان أنك من التراب وإلى التراب ستعود"


يصادف اليوم ما يعرف ب "إثنين الرماد" وهو أول أيام زمن الصوم المبارك لدى الكنائس التي تتبع التقويم الغربي. على أن تتكرر المناسبة ذاتها يوم الاثنين القادم لدى الكنائس التي تتبع التقويم الشرقي. أما أول أيام الصوم لدى الكنائس اللاتينية فيصادف الأربعاء المقبل.

فما معنى هذا اليوم ولماذا اختير الرماد بالتحديد ليكون رمزاً له؟

في حديث مع أس بي أس عربي 24 ، يقول الدكتور في اللاهوت العقائدي الأب إيلي نخول: "في هذا اليوم نتذكر جملة أساسية قالها الله لآدم "أذكر يا انسان أنك من التراب وإلى التراب ستعود" ولكن الله لم يعن تخويف الانسان بهذه الجملة فالمقصود بها هنا: "لا تعتقد أنك بكبريائك أو علمك أو بحريتك التي وهبتك اياها يمكن أن تصنع من نفسك إلهاً، لا تستطيع أن تكون الله أنت تكمل دعوتك وحياتك مع الله وبالله ولكن ليس باستقلالية عنه" بإشارة إلى أن الانسان ليس أزلياً غير أن الموت كما يصفه الأب نخول  ما هو إلا عبور ضروري يستطيع الانسان من خلاله الوصول إلى الوحدة الكاملة بسر الله.

ومن خلال وضع الرماد على الجبين، يتذكر الانسان أنه لا يمكنه الاعتماد على كبريائه وأنانيته بل على كلمة الله وعمل الروح الذي بحسب الأب نخول: "يجعل منه انساناً مكتملاً بالكرامة والحرية وقادراً على مشاركته بالخلق وتغيير وجه الأرض وتجميلها على صورة وجه السماء".

الأب نخول قلّل من أهميّة الفرق في الزمن الطقسي بين الطوائف المسيحية مختلفة  التي تبدأ زمن الصوم بتواريخ مختلفة ولو متقاربة: "الأيام لا تشكل فارقاً المهم هو المضمون الروحي واللاهوتي والعمل التطبيقي الإيماني فيها يتعلق بهذه المناسبات".

وفي وقت يتكرّر السؤال في كل عام عن توحيد هذه المناسبات بين الطوائف المسيحية، يؤكد نخول أن الكنيسة موحدة بعمق ايمانها وأن توزيع الأعياد والأزمنة هو خلاف على التقويم  وليس خلافاً جوهرياً و"هذه مسألة بسيطة يمكن حلّها عندما نجد حلاً للمسألة الأساسية التي لا تزال عالقة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية وهي عصمة البابا والأولويّة التي يملكها بين الأساقفة  كمرجعية قانونية بالنسبة للكنائس". وهو يشدّد أنه لا يجب الوقوف عند هذه القضية خصوصاً أن هناك مسائل أخرى لاهوتية تم التوصل إلى حل لها.

وفي ما يتعلّق بمفهوم الصوم، يشير الأب نخول إلى أن الصوم في الايمان المسيحي ليس الزامياً أو شرطاً ضرورياً للوصول إلى الخلاص أو لاكتساب النعم التي يسعى إليها الانسان انما صوم اللسان وصوم القلب هما الأهم بالنسبة لهذا الموضوع. ويضيف أن الكنيسة على مدى الأجيال اتبعت أنظمة مختلفة ومتنوعة ومتطورة بمسألة الصوم :" قبل الثمانينات كان الصوم الزامياً على مدى أربعين يومأً وكان المبدأ الواحد المتبع هو أن يصوم الانسان من منتصف الليل إلى الظهيرة ويكون هذا الصوم بانقطاع كلي عن الطعام وعن الشرب.ومع مرور السنين تطور مفهوم الصوم إلى أن أصبح أكثر تساهلاً فأصبح الصوم الالزامي ليومين فقط هما اثنين الرماد ويوم الجمعة العظيمة".

غير أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أعطى برسالته منذ سنتين توجيهات تمنى من خلالها على كل من يستطيع أن يعود للالتزام بالصوم بحسب الترتيب القديم ولكن بحسب نخول "هذا الأمر يبقى غير الزامي ومن لا يتبعه لا يكون اقترف خطأً تجاه مسيرة ايمانه بالله".

ويختم الأب نخول بالقول: " الصوم يساعد الانسان إذا عاشه بروحية التجدد وليس بروحية أنه شرط لإرضاء الله فقط فمسألة الصوم بالعمق هي مسألة تدعو الانسان إلى التوبة ولكي يكون الانسان قادراً على التوبة عليه أن يخبر نكران الذات من خلال اتباع نظم عملية قد تكون قاسية بعض الشيء ولكنها تقربه من مفهوم الحياة ومن قيمة الانسان ومن قيمة التزامه الايماني".

يمكنكم الإستماع إلى اللقاء الكامل من خلال التدوين الصوتي أعلاه


شارك