قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه بدأ في تناول عقار مضاد للملاريا لمواجهة فيروس كورونا، على الرغم من أن الباحثين نصحوا بعدم استخدامه بسبب الاعراض الجانبية الخطيرة.
دواء الهيدروكسي كلوروكين أظهرت دراسات من الولايات وفرنسا والصين إنه غير فعال في علاج كوفيد-١٩. وفي أبريل نيسان الماضي حذرت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية من أن تناول العقار يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة في القلب.
ورغم ذلك إلا أن الرئيس الأمريكي وصف الدواء أنه "سيغير موازين اللعبة" وكان من أبرز المتحمسين له منذ طرحه على النقاش العام باعتباره أحد الحلول المحتملة لعلاج فيروس كورونا. والآن، أعلن الرئيس الأمريكي أنه يتناول الدواء منذ أكثر من أسبوع.
أما في أستراليا، فإن عملاق التعدين وصاحب الطموح السياسي كلايف بالمر هو أكبر مروج لهذا الدواء، حتى أنه اشترى صفحتين من الإعلانات ليعلن أن مؤسسته قامت بشراء ما يقرب من 33 مليون جرعة منه، استعدادا لتفشي الوباء.
فما هو هذا العقار بالضبط؟
يأتي دواء الهيدروكسي كلوروكين على شكل حبوب ويعمل على تنظيم نشاط جهاز المناعة. ويستخدم عادة في علاج الملاريا والذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدي.
ويستخدم هذا الدواء منذ سنوات لتثبيط جهاز المناعة لدى المصابين بالأمراض التي تسبب هجوم جهاز المناعة على خلايا الجسم.
وفي الولايات المتحدة، تم الموافقة على استخدام هذا الدواء في حالة الطوارئ المشروطة بإشراف الطبيب لعلاج البالغين المصابين بعدوى فيروس كورونا، بينما في أستراليا ما زالت هناك تجارب على مدى فاعلية الدواء تجري حاليا، ويخضع لها أفراد من الجيش الأسترالي.
Hydroxychloroquine tablets. Source: AAP
وما زال الباحثون حول العالم ينظرون في المخاطر المحتملة للاستخدام الواسع للدواء.
لماذا يستخدم في علاج فيروس كورونا؟
في التجارب السريرية أظهر الهيدروكسي كلوروكين قدرته على إيقاف دخول الفيروس إلى خلايا الجسم. ولكن هذا لا يعني أنه سيكون دواء فعالا خارج المعمل.
وقال عالمة المناعة في جامعة كوينزلاند "واحد من الأشياء الرئيسية أن هناك الكثير من الأدوية التي نجد أنها فعالة في مواجهة الفيروس داخل الخلايا فقط، وعلى الأرجح لن تكون فعالة في مواجهة المرض على أرض الواقع."
وأضافت "ما نبحث عنه ليس فقط أن نجد دواء يمكنه منع الفيروس من التكاثر داخل الجسد ولكن أيضا أن نرى أن الأشخاص المصابين قد تحسنت حالتهم."
ولأن الهيدروكسي كلوروكين مجاز بالفعل للاستخدام لمعالجة أمراض أخرى، فإن العلماء تحمسوا له لأنه يمكن أن يدخل إلى مرحلة التجارب السريرية الواسعة مباشرة على عكس تطوير لقاح من الصفر والذي يحتاج إلى وقت أطول من أجل الخضوع للمزيد من الاختبارات.
وفي مارس آذار الماضي، شهد الطواء ارتفاعا حادا في الطلب عليه حول العالم بسبب التصريحات المتعلقة بإمكانية استخدامه كعلاج لفيروس كورونا. حتى أن الصيادلة تلقوا تعليمات بعدم صرف الدواء لضمان وجود كميات كافية لمن يأخذونه بشكل اعتيادي من أصحاب الأمراض الأخرى.
هل ثبتت فعاليته؟
حذر عدد من الأطباء البارزين من أن الناس يمكنها أن تبدأ في تناول الدواء دون إشراف الطبيب بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي. وقال الدكتور باتريس هاريس رئيس الجمعية الطبية الأمريكية "لا يوجد دليل على أن الهيدروكسي كلوروكين فعال في علاج أو منع كوفيد-١٩."
وأضاف "النتائج حتى الآن ليست مبشرة."
ولم يتوصل العلماء حول العالم إلى نتائج تظهر فوائد لتناول الدواء في حالات الإصابة بفيروس كورونا. وتوصلت دراسة في فرنسا إلى أن استخدام الدواء لم يتسبب في تقليل أعداد المرضى الذين يدخلون العناية المركزة أو الوفيات بين المرضى أصحاب الحالات الحرجة.
Health Department Official Says Doubts on Hydroxychloroquine Led to His Ouster Source: The New York Times
وفي دراسة سريرية على عينة عشوائية من الصين، لم يظهر أي تحسن على المرضى المصابين بأعراض خفيفة أو متوسطة والذين تناولوا عقار الهيدروكسي كلوروكين.
وفي دراستين أكبر حجما، تم إجرائهم في وقت سابق وشارك فيهم 1400 مريض في نيويورك، لم تظهر أي فوائد لتناول عقار الهيدروكسي كلوروكين.
بل أن دراستين تم نشرهما الأسبوع الماضي في دورية BMJ الطبية المرموقة، خلصوا إلى أن الهيدروكسي كلوروكين لا يجب استخدامه لعلاج فيروس كورونا.
ما هي الأعراض الجانبية؟
هيئة الغذا والدواء الأمريكية أصدرت تعليمات استخدام الدواء في حالة الطوارئ والتي تشمل الأعراض الجانبية المحتملة وهي:
- تسارع خطير في نبضات القلب
- مشاكل في انقباض عضلة القلب بشكل سليم بين النبضات
- مشاكل في قدرة القلب على ضخ الدم حول الجسد
- نقص حاد في السكر في الدم
- تمزق خلايا الدم الحمراء
- نقص في أعداد الصفائح الدموية وكرات الدم الحمراء والبيضاء
- فشل كبدي
- فشل كلوي
- خطر متزايد للتعرض لنوبات
- نوبات ذهانية
- هلاوس وهذيان
- سلوك انتحاري
- ضرر في شبكية العين
ما الذي تفعله أستراليا بشأن الدواء؟
يجري الجيش الأسترالي تجارب على الكلوروكين وهو المادة الفعالة في الدواء، على أفراد الجيش، لاختباره كإجراء محتمل لمنع تفشي كوفيد-١٩.
وحتى الآن دخل نحو 42 شخصا في التجربة التي تستمر على مدار 14 شهرا، ويسعى الجيش إلى مشاركة 700 شخص بين مدني وأفراد من الجيش العاملين في الخطوط الأمامية للقطاع الصحي في التجربة.
الباحثة في علوم الأدوية في جامعة تشارلز ستارت جاين كوين أعربت عن اندهاشها من قيام الجيش الأسترالي بتجربة كتلك في ظل عدم وجود أدلة كافية على فاعلية الدواء المحتملة.
A syringe containing the first shot given in the first-stage safety study clinical trial of a potential vaccine for the COVID-19. Source: AP
وقالت الدكتورة "كلوروكين هو دواء يستخدم منذ وقت طويل في منع وعلاج الملاريا، وأصبح مع الوقت من الخيارات غير المفضلة للأطباء بسبب الأعراض الجانبية الكبيرة التي يمكن أن يتسبب فيها." وأضافت "لذلك أنا مستغربة قليلا من أن الكلوروكين تحديدا تم اقتراحه للاستخدام في تجربة الجيش الأسترالي."
ما هي الأدوية الأخرى التي يتم تجريبها؟
عقار ريميدسفير والذي ينتمي لمجموعة أدوية تستخدم في علاج مرض نقص المناعة المكتسبة الأيدز وفيروس سي، أظهر بعض النتائج المبشر في المعمل لعلاج السارس والميرس وفيروس كورونا.
ولكن الدراسات المبكرة لاستخدام العقار تم انتقادها لأنه تفتقر لإجراءات التجارب الدوائية الصحيحة، وتم تعليق تجربتين في الصين لهذا السبب. وينتظر الآن العلماء نتائج تجربة كبيرة على عينة عشوائية ومسيطر عليها في أوروبا والولايات المتحدة.
المعهد الوطني للأمراض المعدية وأمراض الحساسية في الولايات المتحدة بدأ في منح عقار ريميدسفير لبعض المرضى في المستشفيات المصابين بكوفيد-١٩ والذين لديهم مضاعفات في الرئة.
وأظهرت النتائج الأولية في نهاية أبريل نيسان الماضي إن 31 في المائة من المرضى الذين حصلوا على ريميدسفير تحسنوا بشكل أفضل من الذين حصلوا على أدوية أخرى.
ولكن الخبراء ناشدوا الجميع الحذر، حيث تأتي نتائج متضاربة من تجارب مختلفة يتم عقدها حول العالم. عقار الريميدسفير كان قد فشل في التجارب لعلاج فيروس أيبولا، وهو يعمل على تعطيل فاعلية فيروسات معينة من بينها فيروسات كورونا، ويمنعهم من التكاثر داخل الجسم وإرهاق الجهاز المناعي للجسم العائل والتغلب عليه في النهاية.
