قال رئيس الوزراء سكوت موريسون إنه على الرغم من أن أستراليا نجحت في "تسطيح المنحنى" واحتواء تزايد سرعة تفشي الوباء في البلاد إلا أنه ما زال مبكرا رفع القيود المفروضة التي هزت دعائم الاقتصاد وغيرت حياة الأستراليين بشكل كبير.
وقال موريسون "في الوقت الراهن، يجب أن يكون الصبر فضيلتنا." وأضاف "لا يجب أن نستبق الأمور."
وأكد موريسون أن حكومته تتمنى الانتقال من المرحلة الحالية إلى مرحلة جديدة ولكن حاليا "يجب تحذير الأستراليين من أننا ما زال أمامنا عدد من الأسابيع قبل تحقيق هذا."
ولكن هل بالفعل سنتمكن من رفع تلك القيود والعودة إلى الحياة كما كانت قبل ظهور كورونا؟
إشارات جيدة
ما يجب أن نعلمه أن الحكومة تخطط بجدية من أجل تمهيد الطريق لرفع القيود التي فرضتها لاحتواء فيروس كوفيد-١٩. هذه القيود ساهمت في تقليل معدلات العدوى حتى في الأوقات التي كانت تخشى منها الحكومة، فمعدلات السفر خلال إجازة عيد الفصح مثلا بلغت 13 في المائة فقط من المعدلات المعتادة، وهو ما ساهم في الانخفاض الكبير لمعدلات الإصابات الجديدة في البلاد.
ورغم التلميحات الإيجابية لبعض قادة الولايات والمقاطعات إلا أنه يبدو أن القادة لم يجدوا طريقا بعد لرفع هذه القيود دون عودة الوباء.
رئيسة حكومة ولاية نيو ساوث ويلز قالت إنها ستراجع القيود المفروضة كل شهر لتحديد إمكانية رفعها، لكنها حذرت من أن رفع هذه القيود سيكون له مخاطر جمة: "في كل مرة نقرر فيها رفع القيود، فإن ذلك سيؤدي إلى إصابة المزيد من الناس، ووفاة آخرين."
A near-deserted Sydney Opera House forecourt (AAP) Source: AAP
وأضافت "هذا هو الموقف السيء الذي نحن فيه، وهذه هي الخيارات المطروحة ويجب أن نكون صرحاء للغاية بشأنها."
هل يمكننا حقا رفع القيود؟
الأستاذ المساعد في جامعة UNSW بيل باوتيل، ومستشار السياسات الصحية الاستراتيجية لا يعتقد ذلك: "أتفهم تماما أن الناس ترغب في تصديق أن الأمر قد انتهى، أو أنه على وشك الانتهاء، ولكن هذا ليس صحيحا."
وأضاف "لقد سمحنا بدخول الفيروس، ولدينا ستة آلاف وخمسمائة حالة، وعدد مؤسف من الوفيات، لو تخلينا عن الحذر وأعلنا القضاء على الوباء، أو أن الأمور تبدو جيدة، فإن هذا هو أروع خبر يمكن أن تزفه للفيروس."
وحذر البروفيسور باوتيل من أنه لو خففنا القيود دون تطبيق سياسات تعتمد على العلم والبراهين والحقائق، وما يحدث في البلدان الأخرى التي تحاول فعل نفس الشيء بحذر شديد، فإننا سنكون على قدر عال جدا من الحماقة."
Professor Bill Bowtell (Supplied) Source: Supplied
هل القيود الحالية ناجحة؟
اختصارا نعم.
قيود التباعد الاجتماعي مصممة لإبطاء تفشي الفيروس وليس القضاء عليه نهائيا.
وقال البروفيسور إن التباعد الاجتماعي والقيود على التجمعات كان لهما أبلغ الأثر على انخفاض أعداد الحالات المصابة، بينما نجح وقف الرحلات الدولية في عدم دخول أي حالات مستوردة من الخارج وهو ما انعكس إيجابيا على الأرقام.
هل يمكننا فعل المزيد؟
مرة أخرى نعم، لو أردنا ذلك.
نيوزيلندا على سبيل المثال خاضعة لإغلاق شبه كامل تقريبا، حيث تحاول القضاء على الفيروس نهائيا، وهي استراتيجية تختلف عن سياسة الاحتواء التي تتبعها أستراليا.
أيضا مثل أستراليا، فإن الأعداد في نيوزيلندا تنخفض بوتيرة ملحوظة.
كبير المسؤولين الصحيين براندن ميرفي يعتقد أن أستراليا بإمكانها تبني سياسة القضاء التام على الفيروس ولكن هذه الاستراتيجية لها تحدياتها: "بالتأكيد هذه هي إحدى الاستراتيجيات المحتملة التي يجب التفكير فيها."
Lifeguards try to remove surfers from a Sydney beach (AAP) Source: AAP
وأضاف "التحدي الأساسي في القضاء التام على الفيروس هو أن لا أحد يعرف حتى الآن إن كان هذا ممكنا."
وقال ميرفي "لا نعرف مدى إمكانية انتقال العدوى من شخص لا تظهر عليه أي أعراض." مؤكدا "نعرف أن هناك أدلة تشير لإمكانية إصابة البعض بالفيروس ولكن يصاحبه أعراض خفيفة للغاية لدرجة أنهم لا يذهبون للفحص."
لكن الانتقال من الاحتواء إلى القضاء التام يعني تطبيق قواعد أكثر صرامة للتباعد الاجتماعي وليس تخفيفها.
متى يمكننا رفع القيود؟
البروفيسور ميرفي قال إن السلطات لا تفكر في تخفيف قيود التباعد الاجتماعي حتى يتأكدوا من أن النظام الصحي يمكنه التعامل مع "الزيادة الحتمية في معدلات العدوى" والتي ستعقب هذا الإجراء. وأكد ميرفي أن أستراليا في الوضع الراهن أصبحت قريبة للغاية من الوصول لتلك النقطة.
لكن البروفيسور بوتيل لا يعتقد أن "معدلات العدوى الحتمية تلك" يجب القبول بها والتسامح معها.
واستشهد بوتيل بمثال النمسا والتي نجحت في قمع الفيروس واحتوائه لدرجة أنها تدرس رفع بعض القيود. وقال إنه حتى عند فعل ذلك فإن على الجميع أن يرتدي كمامات الوجه في الشارع وسيتم تطبيق القواعد الاجتماعي بصرامة أكبر لوقف أي نشر للعدوى داخل المجتمع.
وقال "ولكني لا أعتقد أن النمسا أو أي مكان آخر تفكر على سبيل المثال في السماح للناس بالتجمع في ستاد لكرة القدم أو شعائر دينية أو أي مكان يجب على الناس أن يكونوا فيه كتفا بكتف مع الآخرين."
"هذا ليس مطروحا في أي مكان. ولماذا هذا ليس مطروحا؟ لأنه لن يفيد إلا في مساعدة الفيروس على القيام بعمله."
Australia's Chief Medical Officer Brendan Murphy speaks to the media in Canberra. Source: AAP Image/Lukas Coch
ما هي الخطوة القادمة؟
منظمة الصحة العالمية ناشدت البلدان لاتخاذ إجراءات محسوبة ومراقبة الوضع باستمرار والقيام بتعديلات جذرية قبل الانتقال إلى الخطوة القادمة من تخفيف القيود.
ولأن الدول المختلفة في مراحل مختلفة من المعركة مع فيروس كوفيد-١٩ فمن الصعب أن معرفة أي منهم يتبع أفضل طريق. وقال البروفيسور "اللقاح فقط هو الذي سيقضي على فيروس كوفيد-١٩."
وقال البروفيسور "لا يجب أن يحمل الناس انطباع أن هذه حكاية لها بداية ووسط ونهاية سعيدة بالضرورة."
وأضاف "هذه النهاية السعيدة ستتحقق فقط إن، وعندما، يتم التوصل إلى لقاح، وإن تلك يجب أن نضع تحتها أكثر من خط."
