السيناريوهات الأربعة التي تدرسها الحكومة لرفع القيود الحالية

أكاديميون يطرحون الخيارات الموجودة أمام أستراليا لاستئناف الحياة الطبيعية دون مخاطر تدهور الوضع الصحي

A closed sign is seen at Surfers Paradise business on the Gold Coast, Wednesday, April 8, 2020.

A closed sign is seen at Surfers Paradise business on the Gold Coast, Wednesday, April 8, 2020. Source: AAP

تخضع استراليا عمليا لدرجة من درجات الحجر الصحي، حيث تم منع التجمعات التي تزيد عن فردين ولا يمكن للناس مغادرة المنزل إلا لأعذار ضرورية. هذه الإجراءات كان لها أثر كبير على معدل تفشي وباء كورونا، حيث بدأ عدد الإصابات الجديدة اليومية في التراجع.

وعلى الرغم من أن تلك المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى أننا قد بدأنا في احتواء الوباء، إلا أننا نواجه تحديا لا يقل صعوبة، وهو كيف ومتى يمكننا تخفيف الإجراءات الراهنة؟

ما هي خياراتنا لرفع إجراءات الإغلاق الحالية؟

تحقيق السيطرة على إمكانية تفشي الوباء يمنحنا وقتا أطول ويعكينا فرصة لمعرفة المزيد عن الفيروس ومتابعة نماذج الفشل والنجاح في مواجهة الوباء عالميا. ولكن إلى حين التوصل إلى لقاح، فإن أغلب الأستراليين ما زالوا لا يملكون مناعة ضد كوفيد-١٩.

بعبارة أخرى، نحن الآن عدنا إلى نفس الموقف الذي كنا فيه عند تسجيل أول حالة مؤكدة للإصابة بالفيروس في أستراليا. ورغم أن النقاش المستفيض حول الإجراءات التي قدمتها الحكومة ومدى ضرورتها وإن كانت أفضل حل لمواجهة الوباء، إلا أنه لا يوجد الكثير من النقاش حول كيفية رفع تلك الإجراءات دون عودة الوباء للتفشي مرة أخرى.
file-20200406-103556-1tb2bck.png?ixlib=rb-1.1.0&q=45&auto=format&w=754&fit=clip
سنعرض الآن أربع خيارات محتملة لإنهاء حالة الإغلاق الحالية بمجرد التأكد من تحقيق السيطرة المبدئية على الوباء:

الخيار الأول: رفع الإجراءات بشكل كامل، والتركيز على عودة الحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي أكثر من التركيز على جهود مكافحة الوباء.

الخيار الثاني: تقليل معدلات انتقال الفيروس بين أفراد المجتمع والتأكد من أن معدل الإصابات منخفض للغاية إلى حين تطوير لقاح.

الخيار الثالث: الاستمرار في تلك الإجراءات حتى القضاء على الفيروس تماما وبالتالي نتجنب عودة التفشي مرة أخرى طالما حافظنا على الحدود مغلقة.

الخيار الرابع: تخفيف بعض الإجراءات والسماح باستمرار الإصابات ولكن بمعدلات خاضعة للسيطرة مع تركيز الجهود على حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.

كل من هذه الخيارات الأربعة محمل بمخاطر كبيرة.

فخ الإغلاق

الخيار الأول سيعني عودة تفشي الوباء مرة أخرى، مع توقع عواقب تشبه تلك التي شهدتها الدول التي خرج فيها الوباء عن السيطرة.
spread.gif?1585630285
الخيار الثاني يعني الإبقاء على عدد الإصابات قليل للغاية لحين التوصل إلى لقاح، بمعنى أن نجعل منحنى تصاعد الإصابات أشبه بخط مستقيم، ولكن دون أن نقضي تماما على انتقال العدوى.

ويبدو أن الحكومة الأسترالية تسير في هذا الاتجاه، ولكن ما زال من غير الواضح إن كانت تعتزم إعادة فتح الشركات والمطاعم أثناء انتقال العدوى بمعدلات منخفضة وقبل التوصل إلى لقاح.

السير في هذا الطريق يعني الاستمرار في فرض إجراءات إغلاق بدرجات مختلفة لحين الوصول إلى اللقاح. هذا يعني التخفيف التدريجي للإجراءات دون رفع كامل لها في أي مرحلة.

هذا يعني أيضا أنه من الممكن أن يعود الفيروس للتفشي في بؤر يمكن عزلها، وعندها ستركز السلطات على عزل تلك البؤر وتخفيض معدلات الإصابات فيها إلى المعدل الوطني مرة أخرى. كما يمكن أن نعود إلى تشديد الإجراءات لو بدأت السلطات في رصد ارتفاعا في معدلات الإصابات، ثم نخففها عند السيطرة، ثم التشديد مرة أخرى عند التفشي، وهكذا حتى التوصل إلى لقاح.
الخيار الثالث يعني السعي للقضاء على الفيروس الذي ينتقل بين الناس في أستراليا بشكل كامل. إن تحقق هذا الأمر سيعني إمكانية العودة إلى حياتنا الطبيعية، ولكن دون فتح الحدود. وفي حال فتحنا الحدود فإن الوضع سيكون هشا للغاية ومعرضا لعودة تفشي الوباء مرة أخرى بسبب جلب الفيروس من الخارج.

يتطلب تطبيق تلك الاستراتيجية مشاركة مكثفة من المواطنين، والاستمرار في الإجراءات الحالية لعدة أسابيع حتى القضاء على الفيروس لدى آخر حالة مؤكدة. كما يجب على السلطات أن تكشف عن السبب وراء اختيارنا لهذه الاستراتيجية بشكل واضح ومبكر لضمان التزام الناس الصارم.

ومن غير المعروف إن كانت الصين قد اتبعت تلك الاستراتيجية أم لا، ولكن استمرار تراجع عدد الحالات يؤكد قيمة تطبيق إجراءات إغلاق صارمة ومطولة. ولن يمكن اختبار إمكانية عودة الوباء للتفشي إلا بعد رفع الإجراءات.

مناعة القطيع

الخيار الرابع قد يعني السماح بانتقال العدوى بشكل خاضع للسيطرة ضمن المجموعات الأقل عرضة للخطر، وهو خيار خطير للغاية.

ولكن، انعدام حالات الوفاة تقريبا بين الشباب والأطفال يسمح لنا بالتفكير في طرق تمكننا من رفع مناعة السكان، وفي نفس الوقت حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر لتجنب وقوع معدلات وفاة عالية بين كبار السن.

مصطلح "مناعة القطيع" أثار جدلا كبيرا منذ بداية تفشي الوباء. ولكن ضمان تمتع قطاع واسعة من الشعب بمناعة طبيعية ضد الفيروس، بشكل خاضع للسيطرة، قد تكون الطريقة الوحيدة التي تمكننا من العودة لحياتنا الطبيعية وإبطاء معدل تفشي الفيروس في نفس الوقت، ما لم يتم اكتشاف لقاح.
بالطبع ما زلنا بحاجة لفهم مخاطر إصابة الشباب بالفيروس بشكل طبيعي، ومدى قوة وفترة المناعة التي يكتسبها الجسد بعد الإصابة. ولكن المؤشرات الحالية تقول إن الفيروس حميد بشكل أو بآخر لدى الشباب الأصحاء، وأنهم يحصلون على مناعة ضده بعد الإصابة.

هذا الطريق المختلف قد يوفر مفتاح للخروج من إجراءات الإغلاق مع تقليل مخاطر إعادة التفشي في حال عدم إمكان الحصول على لقاح في المستقبل القريب.

هذا الخيار يجب أن يدار بحرص للتأكد من أن الفيروس لا ينتقل إلى المسنين والأكثر عرضة للخطر. كيفية تحقيق هذا ما زال أمر يحتاج إلى دراسة، ولكن قد يشمل إنشاء مراكز حيث يمكن للشباب الأصحاء والمتطوعين نقل العدوى بينهم دون وجود خطورة على انتقالها إلى المجتمع الأوسع.
تكوين مناعة طبيعية لدى شريحة واسعة من جيل الشباب سيسمح لهؤلاء الأفراد أن يستمروا في حياتهم دون مخاطر تعرضهم أو تعريضهم آخرين للعدوى بفيروس كوفيد-١٩. وستؤدي تلك الاستراتيجية أيضا إلى تقليل حجم أي موجة تفشي ثانية تحدث بعد رفع إجراءات الإغلاق أو تخفيفها.

وعلى الرغم من عدم وجود إجابة سهلة، لكننا بحاجة إلى النقاش بشكل نشط حول تطوير استراتيجية خروج وجمع المعلومات الضرورية التي يمكن أن تساعدنا على الاختيار الصحيح. ربما سيكون لزاما علينا التفكير في حلول تختلف باختلاف البيئة ولكن يجب أن تكون تحت مظلة استراتيجية وطنية واحدة.

هذه المقالة كتبها ثلاثة باحثين هم:

جايمس ترور والذي يتلقى دعما ماليا من مجلس الصحة الوطنية والبحوث الطبية، ومنظمة الصحة العالمية والصندوق الدولي لمكافحة الإيدز والسل والمالاريا

إيما ماكبرايد والتي تتلقى دعما ماليا من Advance Queenslandوهي جهة بحثية حكومية والمجلس الأسترالي للصحة الوطنية والبحوث الطبية.

بين ج. مارييس والذي لا يعمل بدوام كامل أو بشكل استشاري أو يملك أسهم في أو يتلقى دعما ماليا من شركة أو منظمة قد تستفيد من المذكور في هذا المقال.


شارك
نشر في: 8/04/2020 4:01pm
آخر تحديث: 12/08/2022 3:19pm
By Emma McBryde, James Trauer, Ben J Marais, Abdallah Kamal
المصدر: The Conversation