وقف إطلاق النار وحماس تعلن "الانتصار" في الحرب الأخيرة مع إسرائيل

هذا الاتفاق الذي سارع إلى الترحيب به الرئيس الأميركي جو بايدن أتى ثمرة جهود دبلوماسية حثيثة قامت بها مصر على وجه الخصوص.

People wave the Palestinian flag as they celebrate in the street following a ceasefire brokered by Egypt between Israel and the two main Palestinian armed groups in Gaza.

Israel and the two main Palestinian armed groups in Gaza, Hamas and Islamic Jihad, have announced a ceasefire. Source: AFP

دخل حيّز التنفيذ في الساعة الثانية من فجر الجمعة اتّفاق لوقف إطلاق النار توصّلت إليه بوساطة مصرية إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بعد 11 يوماً من تصعيد عسكري هو الأعنف بينهما منذ 2014 وأوقع عدداً كبيراً من القتلى، غالبيتهم فلسطينيون.

وفي الدقائق الأولى لبدء سريان الهدنة عمّت الاحتفالات قطاع غزة حيث أطلقت الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجاً، بحسب ما أفاد مراسلون، في حين لم تُسمع في الجانب الإسرائيلي أيّ من صافرات الإنذار التي ظلّت على مدى 11 يوماً تدوّي لتحذير السكّان من أكثر من 4300 صاروخ أطلقتها الفصائل الفلسطينية من القطاع المحاصر باتجاه الدولة العبرية.

وهذا الاتفاق الذي سارع إلى الترحيب به الرئيس الأميركي جو بايدن أتى ثمرة جهود دبلوماسية حثيثة قامت بها مصر على وجه الخصوص.
A Palestinian woman inspects her destroyed house in a Palestinian refugee camp in Gaza.
Israel and Hamas have agreed to cease fire across the Gaza Strip. Source: LightRocket

"وقف ثنائي غير مشروط"

ومساء الخميس قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان أنّ المجلس الوزاري المصغر الذي اجتمع لساعات طويلة "وافق بالإجماع على توصية جميع المسؤولين الأمنيين (...) بقبول المبادرة المصرية بوقف ثنائي غير مشروط لإطلاق النار".

وأكّد مسؤولون في حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة الموافقة على التهدئة التي إذا ما صمدت ستضع حدّاً لأعنف مواجهة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة منذ الحرب التي دارت بين الطرفين في 2014.

ومنذ العاشر من أيار/مايو قُتل في القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي على قطاع غزة 232 فلسطينياً بينهم 65 طفلاً ومقاتلون، كما أصيب 1900 شخص بجروح.

بالمقابل، تسبّبت صواريخ أطلقتها حماس وغيرها من الفصائل المسلّحة من قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية بمقتل 12 شخصاً، بينهم طفلان وجندي، وإصابة 336 آخرين بجروح.
File photo: Benjamin Netanyahu speaks at the 72nd session of the United Nations General Assembly in New York City on 19 September 2017.
File photo: Benjamin Netanyahu speaks at the 72nd session of the United Nations General Assembly in New York City on 19 September 2017. Source: AAP
وجاء في البيان الإسرائيلي "استعرض رئيس هيئة الأركان وقادة الجيش ورئيس جهاز شين بت (الاستخبارات الداخلية) أمام الوزراء الإنجازات الكبيرة التي حقّقتها إسرائيل في المعركة والتي تعتبر بعضها غير مسبوقة". 

وأشار الى أنّ القيادة السياسية شدّدت على أنّ التطوّرات على الأرض "ستحدّد استئناف العملية" أم لا.

وفي خطاب له عقب إعلان وقف إطلاق النار، أكّد الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أبو عبيدة، الاتفاق قائلاً "استجبنا إلى الوسطاء".

وأضاف "نيابة عن الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة وبالتوافق بين مكوّناتها (...) أعددنا ضربة صاروخية تغطي فلسطين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وعلّقنا هذه الضربة الصاروخية لنرقب سلوك العدو حتى الثانية فجراً". 

وأكّد مصدر أمني مصري أنّ القاهرة "سترسل وفدين أمنيين إلى تل أبيب والمناطق الفلسطينية" حيث سيعملان على "متابعة إجراءات التنفيذ والاتفاق على الإجراءات اللاحقة التي من شأنها الحفاظ على استقرار الأوضاع بصورة دائمة".

وقبل الإعلان عن وقف النار، كثّفت إسرائيل ضرباتها على القطاع المحاصر الذي يقطنه قرابة مليوني شخص.

بايدن يرحّب

وفي واشنطن رحّب بايدن بالاتّفاق، معتبراً أنّه يمثّل "فرصة حقيقية" للتقدّم نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

وقال بايدن في خطاب مقتضب ألقاه من البيت الأبيض "أنا مقتنع بأنّ الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقّون على حدّ سواء العيش بأمان والتمتّع بنفس المستوى من الحرية والازدهار والديموقراطية".

وأضاف "ستواصل إدارتي جهودها الدبلوماسية المتكتّمة ولكن الحازمة للتحرّك نحو تحقيق هذا الهدف".

وتابع "أعتقد أنّ لدينا فرصة حقيقية لإحراز تقدّم وأنا ملتزم العمل في سبيل ذلك"، مشيداً بالدور الذي أدّته القاهرة للتوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية والفصائل الفلسطينية في القطاع المحاصر.

وكانت الاتصالات الدبلوماسية تكثفت خلال الأيام الأخيرة من أجل وقف العمليات العسكرية.
Palestinian man inspects his destroyed house after Israeli air strikes hit the Jabaliya refugee camp.
Palestinian man inspects his destroyed house after Israeli air strikes hit the Jabaliya refugee camp. Source: AAP
بدوره رحّب بالاتفاق الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، مناشداً في بيان "المجتمع الدولي العمل مع الأمم المتحدة على إعداد حزمة دعم متكاملة وقوية من أجل إعادة إعمار وتعافٍ سريعين ومستدامين تدعم الشعب الفلسطيني وتعزّز مؤسّساته.
القادة الإسرائيليين والفلسطينيين يتحمّلون مسؤولية تتجاوز استعادة الهدوء لبدء حوار جادّ لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع
"غزّة جزء لا يتجزّأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية ولا ينبغي ادّخار أيّ جهد لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية تنهي الانقسام" الفلسطيني-الفلسطيني."

بدوره رحّب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب بالاتّفاق، مطالباً "كلّ الأطراف العمل على استدامته" ومشدّداً على أنّ "المملكة المتّحدة تواصل دعم الجهود الرامية لإحلال السلام".

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قالت الخميس قبل الإعلان عن الاتفاق إنّ "المحادثات غير المباشرة" مع حماس ضرورية لإعطاء دفع للجهود الهادفة الى إنهاء العنف.
بالطبع يجب ضمّ حماس (إلى المحادثات) لأنه بدون حماس لن يكون هناك وقف لإطلاق النار.
وزار وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخميس تلّ أبيب ورام الله للقاء مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في محاولة للتوصل الى تهدئة. ولم يلتقّ ممثّلين عن حركة حماس المدرجة على لائحة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي.

وقامت مصر من جهتها باتصالات مكثفة مع أطراف مختلفة لإعادة العمل بالهدنة التي كانت قائمة بين إسرائيل وحركة حماس والتي لعبت القاهرة دوراً أساسياً في إرسائها وتجديدها مرة بعد مرة.

وأجرى الرئيس الأميركي الخميس اتصالاً هاتفيا بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي هو الأول منذ وصوله إلى البيت الأبيض، تم خلاله البحث في "سبل التعاون من أجل وقف العنف والتصعيد في ظل التطورات الأخيرة"، وفق بيان للرئاسة المصرية.

وزار مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط  تور وينيسلاند قطر لإجراء محادثات مع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.

اتهامات ب"الإبادة"

وبدأ التصعيد الأخير بعد إطلاق حماس صواريخ في اتجاه الدولة العبرية في العاشر من أيار/مايو، تضامناً مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، ما تسبّب بإصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين اسرائيليين.

وتسبّب القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة بدمار هائل، إذ أُسقطت أبنية بكاملها ولحقت أضرار جسيمة بأخرى وبالبنى التحتية. وأعلنت الحكومة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة أنّ الخسائر الأوليّة جراء القصف الإسرائيلي الجوي والمدفعي بلغت 150 مليون دولار أميركي.

وقال الجيش الإسرائيلي إنّ حماس وفصائل أخرى في غزة أطلقت أكثر من 4300 صاروخ باتجاه إسرائيل، اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية "غالبيتها".


شارك
نشر في: 21/05/2021 10:52am
آخر تحديث: 21/05/2021 12:00pm
المصدر: AFP, Reuters, SBS