بعد ضياع الممتلكات: لانينيا تدمر الصحة العقلية للأستراليين

أعلن مكتب الأرصاد الجوية إن هناك فرصة بنسبة 70 % لحدوث ظاهرة النينيا المناخية للعام الثالث على التوالي.

People and a dog in a tinny in floodwater.

The Bureau of Meteorology is forecasting a 70 per cent chance of a third consecutive La Niña event. Source: AAP / TRACEY NEARMY

النقاط الرئيسية
  • مكتب الأرصاد الجوية يرجح احتمال حدوث ظاهرة لا نينيا المناخية للعام الثالث على التوالي
  • حالة عدم اليقين والظواهر المناخية الشديدة تؤثر على الصحة العقلية والاضطرابات النفسية للعديد من الأشخاص
  • تمثل الأمطار عامل مثير حسي لاضطرابات الصدمة والقلق والاكتئاب لدى بعض الأشخاص
عانى الكثير من الأستراليين خلال الفترة الماضية بسبب تقلبات المناخ ، من الحرائق والفيضانات، في نهاية فبراير/شباط الماضي، خسر هاربر دالتون تقريبا كل ما يملكه.

تعرض منزله لأضرار جسيمة والذي اشتراه في عام 2020 في جنوب مدينة ليسمور، بسبب الفيضانات في أعقاب ظاهرة لا نينيا المناخية.

يواجه دالتون ضغوطا مالية، وحالة من عدم اليقين، بالإضافة إلى آثار الصحة العقلية للفترة المؤلمة التي عاشها خلال فترة الفيضانات جنبا إلى جنب مع جيرانه ومجتمعه.

يحكي دالتون بمرارة «أعتقد أن المدينة بأكملها تعاني من صدمة جماعية... أعتقد أن الكثير من الناس يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، وربما لا يدركون ذلك».

وتابع دالتون «أسمع الكثير من الناس يقولون إنهم اعتادوا الاستماع إلى أصوات المطر والآن لا يمكنهم التفكير في أي شيء مرعب أكثر من ذلك قبل الذهاب إلى الفراش».
Harper wearing a pink jumper covered in mud leaning against a house.
Harper Dalton says he believes many residents of Lismore and surrounding areas are experiencing PTSD symptoms following the La Niña weather and flooding earlier this year. Source: Supplied / Harper Dalton
يرى دالتون أن صحته العقلية أصبحت تتأثر بشكل متزايد بالطقس في أعقاب النينيا.

"في الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع الماضية، بسبب هطول الأمطار، كنت عصبيًا ومكتئبًا حقًا ولم أرغب في فعل أي شيء... وأدركت أنه بسبب المطر، وبدأت في التفكير بأننا قد نشهد فيضانات أخرى، وأصبح ذلك جزء من حياتي وبدون إدراك لهذا".

«تنتابني تلك الأفكار، يمكنيي أن أتعامل مع فيضان معتدل بشكل أو بآخر، ولكن إذا تعرضنا لموجة أعنف من ذلك، فلا أعرف كيف سأتصرف... لا أعرف ما إذا كان بإمكاني تحمل ذلك عقليًا أو جسديًا».
Harper Dalton looking at camera with debris in the background.
Harper Dalton lost virtually everything he owns in the 2022 floods. Source: Supplied / Harper Dalton
أعلن مكتب الأرصاد الجوية أن أستراليا من المرجح أن تشهد ربيعًا رطبًا بشكل غير عادي في الاسبوع الماضي، مع احتمال بنسبة 70 % من حدوث ظاهرة لانينيا للعام الثالث على التوالي.

وفي وقت سابق من هذا العام، أدت المستويات غير المسبوقة للأمطار في نيو ساوث ويلز إلى فيضانات مدمرة، نتج عنها إجلاء الآلاف من السكان من منازلهم، 13 وفيات في جميع أنحاء الولاية وبالأخص في ليسمور ومنطقة الأنهار الشمالية.انضم الخبراء إلى السكان في قلقهم بشأن الآثار المحتملة لتجدد ظاهرة لا نينيا على الصحة العقلية.

يوضح بول فالنت الطبيب النفسي أنه في أعقاب الظواهر الجوية الشديدة والصدمات النفسية، يعاني الناس عادة من تأثيرات مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والقلق والاكتئاب.

يقول الدكتور فالنت: «هناك عدد لا يحصى من الاستجابات العاطفية لمثل تلك الحالات، على سبيل المثال الصدمة والانكار والخوف والعجز وقلة الحيلة».

«يتعرض الانسان لمحنة عصيبة، ليس فقط عاطفيًا ولكن أيضًا جسديًا واجتماعيًا، لذلك فهي تثير استجابة نفسية واجتماعية ومعرفية وعاطفية وجودية كاملة».

هل يمكن أن يؤثر المطر حقًا على صحتنا العقلية؟


خلال الأشهر الباردة، يعاني بعض الأشخاص من الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، والذي يشير إلى شكل من أشكال الاكتئاب الناجم عن الطقس. تشمل الأعراض الشعور باليأس ونقص الطاقة والتغيرات في أنماط النوم أو الأكل.

تشرح كيم فيثيرينجهام رئيس قسم علم النفس بجامعة ملبورن، أنه في حين أن الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) أكثر شيوعًا في المناخات الباردة بسبب قلة ضوء الشمس، يمكن أن يؤثر الطقس الرطب في أستراليا بالتأكيد على الحالة المزاجية والصحة العقلية لعدد لا يحصى من الأسباب.
«نحن نعلم أن الحالة المزاجية تتأثر بمستوى النشاط الذي تمارسه، ومدى انخراطك في الخروج والقيام بأنشطة خارج المنزل، والتواصل الاجتماعي، وممارسة الرياضة. كل هذه الأشياء يمكن أن تكون مقيدة حقا في حال سوء الاحوال الجوية».

وتضيف فيثيرينجهام «أعتقد أنه على الرغم من ذلك، بالنظر إلى الخوف الذي يشعر به الناس الآن بشأن الطقس... هطول الأمطار هو مثير حسي، ليس فقط لصدمة الماضي، ولكن عدم اليقين بشأن ما سيحدث، ما هو مستقبلي على المدى الطويل؟ لذلك فإن حالة الطقس من شأنها حقا أن تسبب قلقا كبيرا أو شعورا بالعجز».

توضح فيثيرينجهام أن الكوارث الطبيعية والظواهر الجوية القاسية يمكن أن تسبب بالتأكيد آثارًا كبيرة على الصحة العقلية لعدد كبير من الناس.
«حوالي 10 إلى 15% من الناس قد يصابون باضطراب ما بعد الصدمة الكامل، ولكن لا ينبغي لنا أيضًا أن نتجاهل [ذلك] بنفس القدر حيث يمكن أن يصاب الناس بالاكتئاب [و] القلق العام. وإذا كان لديهم بالفعل مشاكل صحية نفسية موجودة من قبل، فإنها يمكن أن تتفاقم بشكل كبير».

«أعتقد أيضًا أن ما هو مهم حقًا من ناحية السياق، هو الطبيعة التراكمية لهذه الصدمة. شهدت الأنهار الشمالية ووادي لوكير وبريسبان في الماضي القريب أحداث فيضانات كبيرة وكوارث طبيعية ولكن من شأنها أن تضيف إلى التأثير التراكمي على الصحة العقلية للناس أيضًا».

«الناس يعيشون في حالة من عدم اليقين المزمن».

«حين تمطر، أكون على أعصابي»

أما كريستال لينان، المقيمة في شرق مدينة ليسمور، على دراية كبيرة بالصدمة وعدم اليقين المرتبطين بأحداث الطقس الصعبة.

أنفقت لينان حوالى 80,000 دولار لاصلاح منزلها قبل الفيضانات، ومع حدوث الفيضانات تمكنت فرق المتطوعين المحلية من إنقاذ لينان وزوجها وطفليها .
اضطرت العائلة للتنقل أربع مرات، وحاليًا تعيش الأسرة في إيجار واشتروا للتو سيارة متنقلة للعيش فيها مؤقتًا خلال فترة الانتظار لمعرفة المزيد عن الدعم الحكومي أو الخيارات المتاحة أمامها لاستعادة منزلها الذي دمرته الفيضانات الأخيرة.

كما بدأت في المتابعة مع أخصائي نفسي وأخذت إجازة من العمل لأسباب تتعلق بالصحة العقلية.

تروي لينان إن مشاعر التوتر والقلق منتشرة في المجتمع بعد الفيضانات.

وعبرت عنها بحزن قائلة «في كل مرة تمطر، أشعر بالقلق الشديد».

«بالإضافة إلى حالة عدم اليقين والشك... كل يوم الأمور تصبح أصعب مما قبل، لم تعد لدينا حياة طبيعية بعد الآن، وأعتقد أن الكثير من الناس خارج مجتمعنا قد تجازوا تلك المرحلة ونسوا أن هذا لا يزال يحدث».

بعد خسارتها نصف مليون دولار من قيمة العقار في ليلة واحدة بسبب الفيضانات، تصف ليان وضعهم بأنه «صعب للغاية».

«أبكي بانتظام لزوجي، لأنه الوحيد الذي يفهم وضعنا».

«نريد البقاء في مدينتنا وبين جيراننا ولكني أصل إلى النقطة التي... لا أعتقد أنني أستطيع أن أخوض هذا مرة أخرى».

«لا أستطيع التعامل مع صيف ممطر آخر »

انتقلت جورجيا ميلز مؤخرًا من ولونغونغ إلى جولد كوست، مع كون الطقس الأكثر دفئًا أحد عوامل انتقالها.

لم تتأثر ميلز بالفيضانات الأخيرة، ولكنها تعاني بانتظام من انخفاض الحالة المزاجية خلال الطقس البارد والممطر، وتحكي أن الأمطار الغزيرة في وقت سابق من هذا العام أثرت على صحتها العقلية.

وقالت ميلز: «الطقس يؤثر حقا على مزاجي كثيرا».
Young woman wearing a black dress and sunglasses standing outside in front of a pool and palm trees.
Georgia Mills routinely struggles with low moods during cold and rainy weather, and says climate was a factor in her decision to move from Wollongong to the Gold Coast. Source: Supplied / Georgia Mills
«لا أستطيع العمل بشكل جيد للغاية عندما أشعر بالبرد الشديد ولا أشعر بالراحة. أشعر بالتوتر الشديد عندما أتعرض للبرد، وأجد أنني لست على طبيعتي».

وعندما سمعت عن احتمال وقوع ظاهرة لا نينيا للمرة الثالثة، وصفت ميلز شعورها بالإحباط الشديد.

وقالت ميلز «أشعر أنني لا استطيع التعامل مع صيف ممطر آخر».

«أشعر بالخمول والنعاس عندما تمطر. أشعر أنني لا أستطيع الخروج لذلك أظل في غرفتي مستلقية على سريري... أشعر بالإحباط أكثر عندما يكون الطقس باردًا وممطرًا مقارنة بما إذا كان الجو مشمسًا».

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على و و

توجهوا الآن إلى للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.

يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على


شارك
نشر في: 22/08/2022 2:04pm
By Jessica Bahr
تقديم: Ramy Aly
المصدر: SBS