Hanna
Hanna
This article is more than 2 years old

Investigation

أخبرت كنيستها أنها تعرضت للاعتداء، لكنها اكتشفت بعد سنوات أن المعتدي لا يزال يعمل وسط الأطفال

تحقيق حصري: كشف أعضاء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأسترالية في ثلاث ولايات عن تعرضهم للاعتداء الجنسي عندما كانوا أطفالاً على يد كاهن ومعلمين تابعين للكنيسة خلال العقد الماضي. وقيل للبعض منهم أن تحقيقاً سيجري في تلك المزاعم، لكن سعيهم لتحقيق العدالة ما زال مستمراً.

نشر في: 10/12/2021 1:28pm
By Henry Zwartz
تقديم: Nassif Khoury
تحذير: تحتوي هذه المقالة على وصف لاعتداءات جنسية على أطفال.

في وقت سابق من هذا العام، شاهدت هانا* صوراً ومقاطع فيديو صادمة. يظهر في الصور مدرس علماني من كنيستها السابقة تقول إنه اعتدى عليها جنسياً بشكل متكرر عندما كانت طفلة.

التقطت الصور قبل أيام معدودة، وبدا فيها أن المعتدي لا يزال يعمل مع أطفال آخرين في فصل دراسي لأبناء الرعية تابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أستراليا.

تقول هانا: "كانت لحظات صادمة بالنسبة لي".
Hanna
Hanna says she was seven when the alleged abuse started. Source: Henry Zwartz/SBS News
تجاوزت هانا منذ سنين مرحلة المراهقة، لكنها تقول إن الرجل بدأ بالاعتداء عليها جنسياً عندما كانت في سن السابعة.

من غرفة فندق في يوم ماطر، تحدثت هانا عن تجربتها لأس بي أس الإخبارية.

"كان يجلس في الجانب الآخر من الغرفة ثم يناديني لأقترب منه، ويجلسني في حضنه ويبدأ بمداعبة ساقي وتقبيلي".

مع انحسار المطر، تنظر هانا من النافذة.

"كان يقول لي بأنه يكافئني لأني قمت بعمل جيد".

لكن هانا لم تكن وحدها. امرأتان أخريان كشفتا لأس بي أس مزاعم عن تعرضهما للاعتداء كأطفال من قبل كاهن ومدرس علماني في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأسترالية بين عامي 2008 و2016.
وتقول النساء إن الاعتداءات جرت في ثلاث كنائس مختلفة في ثلاث ولايات أسترالية.

في بعض الحالات، حدثت الانتهاكات بالتزامن مع تحقيقات اللجنة الملكية حول الاستجابة المؤسسية للاعتداء الجنسي على الأطفال، والتي استمرت من 2013 إلى 2017.

تقول هانا إن الإساءات امتدت لعدة سنوات وأصبحت أكثر خطورة مع مرور الوقت. وعندما اكتشفت والدتها الأمر، أبلغت الكنيسة عما قام به المدرس وأخرجتها من الفصل.

بعد مرور سنوات، تواصل الشابات سعيهن لتحقيق العدالة.

الكنيسة كانت تعلم بمزاعم الاعتداء على أطفال

تكشف المراسلات التي اطلعت عليها أس بي أس أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأسترالية علمت لأول مرة بادعاءات هانا في نص مكتوب يعود لعام 2016، رغم أن والدتها تقول بأنها عبّرت عن مخاوفها بشأن المدرس شفهياً قبل ذلك التاريخ.

وتم إطلاع ما لا يقل عن أربعة كهنة على مزاعم هانا بحصول انتهاكات، وفقاً لمراسلات اطلعت عليها أس بي أس، من بينهم رجال دين كبار.

ورغم خطورة تلك المزاعم، تم التقاط ونشر صور للمدرس وهو يقوم بتعليم الأطفال هذا العام في كنيسة قبطية أخرى.
Hanna
Hanna shared her allegations in writing with the church in 2016. Source: SBS News
تقول هانا: "أخبرونا [الكنيسة القبطية الأرثوذكسية] أنهم سيقومون بإجراء تحقيق داخلي، وفي تلك الأثناء لن يقوم بتدريس الأطفال. ثم عندما قمنا بمتابعة الأمر، لم نحصل على نتيجة [التحقيق] منهم".

في عام 2019، أكد رجال الدين للشابة أنهم فتحوا تحقيقاً داخلياً.

وأفادت الرسائل النصية التي تلقتها هانا أن الكنيسة أوقفت المدرس العلماني عن العمل أثناء إجراء التحقيق.
قالوا لنا إنهم سيقومون بإجراء تحقيق داخلي، وفي هذه الأثناء لن يقوم بتدريس الأطفال. - هانا
وعلمت أس بي أس أن الصور التي حصلت عليها هانا تشير إلى أنه لا يزال يعلّم أطفالاً آخرين تابعين للكنيسة في ولاية أخرى بعد بدء التحقيق.

تقول هانا: "اكتشفنا بعد فترة وجيزة أنه عاود التطوع للعمل مع أطفال في كنيسة قبطية أخرى، بعد انتقاله مباشرة إلى ولاية أخرى".

تابعت هانا المسألة مع الكنيسة مستفسرة عن سير التحقيق بعد مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو. وتقول إن الكهنة لم يكشفوا لها عن نتيجة التحقيق.

تاريخ قديم

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مؤسسة عمرها 2,000 عام، وهي الكنيسة المسيحية الرئيسية في مصر وتضم حوالي 12 مليون عضو على مستوى العالم.

ويوجد في أستراليا حوالي 100,000 شخص يتبعون هذه الكنيسة التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس، وتستخدم اللغتين العربية والإنجليزية في أنشطتها الدينية.

هاجر بعض أبناء الرعية إلى أستراليا في منتصف القرن العشرين، بينما جاء آخرون بحثاً عن ملاذ آمن في ظل الاضطهاد المستمر للأقباط في مصر من قبل المتطرفين الإسلاميين، والذي أودى بحياة مئات الأشخاص في العقد الماضي.

وشهدت الولايات المتحدة، التي تضم حوالي نصف مليون مواطن قبطي، موجة واسعة من مزاعم الاعتداء الجنسي في عام 2020، بالإضافة لحملة قبطية أرثوذكسية على وسائل التواصل الاجتماعي تستلهم شعار MeToo#.

ويوجد أكثر من 50 رعية قبطية في أبرشيتين على مستوى أستراليا.
Hanna's hands
Hanna is speaking out about her experiences. Source: Henry Zwartz/SBS News
على غرار العديد من الكنائس الأخرى، تستخدم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عدداً كبيراً من المعلّمين المتطوعين والعلمانيين في كنائسها، وهم يساعدون في عدة أنشطة تشمل تدريس الكتاب المقدس وتنظيم الأنشطة والتراتيل الدينية والدروس الموسيقية.

وتم عرض بعض الحالات لأفراد من الجالية ضمن تحقيقات اللجنة الملكية للاستجابة المؤسسية للاعتداء الجنسي على الأطفال، وأشارت هانا إلى أنها على علم بواحدة منها، لكنها قالت إنها تعتقد أن هناك حالات أخرى.

"أعرف مجموعة أخرى على الأقل من النساء اللواتي تعرضن للإساءة لكنهن يخشين التحدث علانية".

"أعتقد أن هذه قضية ثقافة داخل الكنيسة. أشعر كما لو أن الذهنية العامة تسعى للحفاظ على السلام من خلال طمس المشاكل والتظاهر بعدم وجودها، وأعتقد أن ذلك سبّب المعاناة للكثير من الناس".

ولم يتم عرض حالات أي من النساء اللواتي تحدثن لأس بي أس أمام الهيئة الملكية.

"غيض من فيض"

تضع ماريا* قهوتها على طاولة خشبية صغيرة في المقهى، وتلتقط هاتفها مشيرة إلى رسائل نصية بينها وبين صديقاتها حول تجربتهن المشتركة بالتعرض لاعتداء الجنسي من قبل عاملين في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

"آخر مرة حدث فيها ذلك كان عام 2016، لكن الأمر بدأ قبل ذلك بسنوات".

وتقول ماريا إن الكاهن كان يستبقيها بعد انتهاء المراسم الدينية ويقوم باغتصابها.
Maria
Maria says she was abused by a priest. Source: SBS News
أوضحت ماريا، تماماً مثل هانا، أنها أثارت تلك المزاعم شفهياً قبل عامين مع كاهن في الكنيسة.

"قالوا إنهم سيجرون تحقيقاً لكني لم أسمع أي رد".

"هناك المزيد من [الناجيات]، هذا مجرد غيض من فيض"، كما تقول.

وعلمت أس بي أس أن الكاهن لم يعد يمارس مهامه في تلك الكنيسة بالذات، لكنه لا يزال في إطار الكنيسة بشكل عام.
هناك المزيد من [الناجيات]، هذا مجرد غيض من فيض. - ماريا
تتحدث آشا* بهدوء، وتتوقف قليلاً لتستمع إلى صوت العصافير في الحديقة، فيما تروي تجربتها الخاصة مع الإساءة الجنسية.

وتقول إنها تعرضت للاعتداء في أوائل عام 2010 من قبل مدرس علماني في الكنيسة القبطية.

"بدأ الأمر عندما كنت في الثامنة من عمري واستمر لمدة عامين. بدأ ذلك باللمس بطريقة غير لائقة ثم أصبح أكثر خطورة".

"أنا وشريكي نتردد إلى أخصائي نفسي لأنه دمّر ثقتي تماماً وتركني محطمة".

ولم تقم آشا بالإبلاغ عن الاعتداء بشكل رسمي.
أتردد أنا وشريكي إلى أخصائي نفسي لأنه دمّر ثقتي تماماً وتركني محطمة. - آشا
في ضوء مزاعم النساء الثلاث، أرسلت أس بي أس طلباً مفصلاً تطلب فيه الحصول على رد من أبرشيتي الكنيسة القبطية الأسترالية.

وقال محامٍ يمثل أبرشية سيدني والمناطق التابعة لها إن الأبرشية لم تتمكن من التعليق لأنها ليست على علم بالمزاعم.

فيما قالت أبرشية ملبورن والمناطق التابعة لها إن الكنيسة "لا تتسامح إطلاقاً مع أي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي على الأطفال أو الإساءة من أي نوع".

وأضافت: "الخدمة الرعوية والاحترام والأمان لجميع أبناء رعيتنا، بالإضافة لحماية الأشخاص المستضعفين أمر أساسي في رسالة كنيستنا".

وقالت إن "أبناء الرعية المتضررين" ستتم إحالتهم إلى خدمات الإرشاد وأن الكنيسة ملتزمة بالتدريب والتطوير المستمر لرجال الدين والمتطوعين في الكنيسة.

"نشجع على إبلاغ السلطات المختصة بأي معلومات تتعلق بالسلوك المزعوم في جميع المنشآت داخل أبرشيتنا، بغض النظر عن المدة التي قد تكون حدثت فيها".

"أمر مخيف"

أنجيلا سديرينيس محامية في ملبورن متخصصة في الاعتداءات داخل المؤسسات. وقد تابعت مئات القضايا في هذا الشأن، لكنها تقول إنها وجدت المزاعم التي كشفت عنها أس بي أس "مخيفة".

"لقد صدمت ... هذا أمر غير عادي، ومخيّب للآمال. بصراحة، إنه مخيف".

وتضيف: "القصص التي سمعتها عن تجارب هؤلاء النساء في الكنيسة القبطية تعيدني إلى ما كنا نراه ونسمعه فيما يتعلق بكيفية تعامل الكنائس مع شكاوى مماثلة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي".

قالت سدرينيس إنها من خلال تجربتها، تجد أن الطريقة التي تستجيب بها المؤسسات لادعاءات الإساءة يمكن أن تساعد في التعافي أو قد تزيد من حدة الصدمة.

"لست مندهشة من شعور هؤلاء النساء بالانتهاك على جميع المستويات، ولسوء الحظ لا أعتقد أن الكنيسة يمكنها فعل أي شيء الآن لإصلاح الضرر الذي حدث".
Asha
Asha has not reported her alleged abuse. Source: SBS News
وتقول سديرينيس إنه في عملها على مدار عقدين من الزمن، شهدت حالات قليلة جداً مرتبطة بالمعتقدات المسيحية الأرثوذكسية. وهي تعتقد أن ثقافة الصمت قد تكون السبب جزئياً في ذلك.

"أنا شخصياً من أصول يونانية وعملت في هذا المجال لأكثر من 20 عاماً. وكثيراً ما أفكر، لماذا لم نشهد المزيد من شكاوى الاعتداء الجنسي من الكنيسة الأرثوذكسية. أعتقد أن الأمر يتعلق بكون المجتمع أكثر انغلاقاً، حيث يكون رد الفعل الأولي عند الكشف عن اعتداء جنسي على أطفال، "لا يمكن أن يحدث ذلك، هذا ليس ممكناً".

"الطريقة الوحيدة لإيصال الرسالة هي عبر محاسبة الذين تجاهلوا تلك المزاعم وقاموا بطمسها".

"إذا لم يحترموا تلك الالتزامات يجب أن يعاقبوا بموجب القانون".

"نفوس محطمة"

هانا وماريا وآشا توقفن عن الذهاب إلى الكنيسة.

تقول ماريا: "لا يمكنني العودة إلى الكنيسة الآن. غادرت للأبد. لقد سلبت مني براءتي".

ولا تزال هانا تكافح للتعامل مع الصدمة التي عانت منها جراء تجربتها.

تقول: "أمضي ليالٍ بلا نوم، مع ذكريات الماضي. الصدمة لا تزال مستمرة".

خلصت الهيئة الملكية للاستجابة المؤسسية للاعتداء الجنسي على الأطفال في توصياتها إلى أن: "سلامة الطفل [يجب] أن تكون جزءاً لا يتجزأ من القيادة والحوكمة والثقافة المؤسسية".

تقول ماريا: "من الواضح أن هذا لم يحدث في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية".

وتأمل أن حديثها علانية عن هذا الموضوع إلى جانب هانا وآشا، سيشجع نساء أخريات على التقدم للكشف عن تجربتهن.

"حان الوقت للطائفة القبطية الأرثوذكسية الأسترالية أن يكون لها تجربتها الخاصة مع MeToo#".

*تم تغيير الأسماء


شارك